الخميس، 14 أكتوبر 2010

مشروع النهضة



 منهجية مشروع النهضة
الفصل الأول : الأسس المنهجية لمشروع النهضة .
الفصل الثاني : دراسة التاريخ .
الفصل الثالث : دراسة الواقع .
الفصل الرابع : إمكانية النهوض من جديد .
الفصل الخامس : دروس التاريخ .
 
1- الأسس المنهجية لمشروع النهضة

يمكن إجمال المراحل التي مرت بها منهجية الأستاذ البنا لمشروع النهضة فيما يلى :
القسم الأول : التفكير في التحديات التي تواجه الأمة .
القسم الثاني : دراسة التاريخ والواقع .
القسم الثالث : استخلاص الدروس .
القسم الرابع : كيفية التعامل مع هذه الدروس .

القسم الأول
 التفكير في التحديات التي تواجه الأمة
لقد أحس الأستاذ البنا بالتحدي الخارجي القوي الذي يواجه الأمة ، 
فدفعه إلى تفكير عميق واستجابة مكافئة ، ف
ي البحث عن إجابات للخروج من المأزق واكتشاف الدواء والعلاج ، وهذا ما عبر عنه قائلاً :
 " ثم كانت في مصر وغيرها من بلدان العالم الإسلامي حوادث عدة ألهت نفسي وأهاجت كوامن الشجن في قلبي ، ولفتت نظري إلى وجوب الجد والعمل ، وسلوك طريق التكوين بعد التنبيه ، والتأسيس بعد التدريس 00 ولقد أخذت أفاتح كثيراً من كبار القوم في وجوب النهوض والعمل وسلوك طريق الجد والتكوين ، فكنت أجد التثبيط احياناً والتشجيع أحياناً ، والتريث أحياناً ، ولكنني لم أجد ما أريد من الاهتمام بتنظيم الجهود العلمية 00 وليت وجهي شطر الأصدقاء والإخوان ممن جمعني وإياهم عهد الطلب وصدق الود والشعور بالواجب ، فوجدت استعداداً حسناً 00 وكان عهد وكان موثق أن يعمل كل منا لهذه الغاية ، ختي يتحول العرف العام في الأمة إلى وجهة إسلامية صالحة " .
 " ليس أحد يعلم إلا الله كم من الليالي كنا نقضيها نستعرض حال الأمة وما وصلت إليه في مختلف مظاهر حياتها ، ونحلل العلل والأدواء ونفكر في العلاج وحسم الداء ، 
ويفيض بنا التأثر لما وصلتنا إليه إلى حد البكاء 00 كنا نعجب لهؤلاء الناس وكثير منهم من المثقفين ، ومن هم أولى منا بحمل هذا العبء ، ثم يقول بعضنا لبعض : أليس هذا داء من أدواء الأمة ولعله أخطرها ، ألا تفكر في مرضها وألا تعمل لعلاج نفسها . ولهذا وأمثاله نعمل ولإصلاح هذا الفساد وقفنا أنفسنا فنتعزى ونحمد الله على أن جعلنا من الداعين إليه العاملين لدينه " ( رسالة المؤتمر الخامس ) .
فحال الأمة كما يقول الأستاذ البنا دعت إلى :
1- الانكباب على استعراض الحلة الإسلامية من مختلف جوانبها .
2- تحليل العلل .
3- البحث عن حلول .





القسم الثاني
 دراسة التاريخ والواقع
إن تاريخ البشرية هو المحطة الثانية للباحثين في موضوع النهضة حديثاً وقديماً ، 
وهكذا تحركت الفكرة عند الأستاذ البنا ، وقادته إلى البحث في كنوز التاريخ البشري ، 
حيث التاريخ البشري مخزن التجارب الإنسانية الناجحة والفاشلة ، 
وعلى كل من يتحرك لإحداث تغيير اجتماعي في مجتمعه وأمته لابد أن يلم بالتاريخ الإنساني 
كى يتجنب الوقوع في عثرات مميتة ، والتاريخ مدرسة التعليم الأساسية في العلوم الإنسانية ، 
منها يستقي المفكرون نظرياتهم عن مسيرة البشرية وإدراك العبرة من حركتها ، 
ولهذا اهتم الأستاذ البنا بدراسة التاريخ دراسة عميقة . 
وقد أشار إلي ذلك في أكثر من موضع في رسائله ،
ويكفي هنا أن نسجل النظرة التاريخية الثاقبة للأستاذ البنا في رسالة : إلى أى شئ ندعو الناس حيث يقول :
 " إن نهضات الأمم جميعها إنما بدأت على حال من الضعف يخيل للناظر إليها أن وصولها إلى ما تبتغي ضرب من المحال ، ومع هذا الخيال فقد حدثنا التاريخ أن الصبر والثبات والحكمة والأناة وصلت بهذه النهضات الضعيفة النشأة القليلة الوسائل إلى ذروته ما يرجو القائمون بها من توفيق ونجاح . 
ومن ذا الذي كان يصدق أن الجزيرة العربية وهى تلك الصحراء الجافة المجدبة تنبت النور والعرفان ، وتسيطر بنفوذ أبنائها الروحي والسياسي على أعظم دول العالم ؟ 
ومن ذا الذي كان يظن أن أبا بكر ، وهو ذلك القلب الرقيق اللين ، وقد انتقضه الناس عليه وحار أنصاره في أمرهم ، يستطيع أن يخرج في يوم واحد أحد عشر جيشاً تقمع العصاة وتقيم المعوجين وتؤدب الطاغى وتنقم من المرتدين ، وتستلخص حق الله في الزكاة من المانعين ؟ " ( رسالة إلى أي شئ ندعو الناس ) .

 القسم الثالث
استخلاص الدروس
إن الحديث عن الدروس التاريخية في فكر الأستاذ البنا وكتاباته موضوع يجب أن يختص بدراسة مستقلة ، ولكننا هنا معنيون بالمنهجية ، ويكفينا أن تقول إن الأستاذ البنا كان يقرأ التاريخ بعيني قائد يبحث عما يعينه على إنجاز مشروعه .  حسبنا الإشارة إلي قوله معقباً على حركة مشروع النهضة ، ب
عد أن تتبع بعض الدروس التاريخية في رسالته " هل نحن قوم عمليون " قائلاً :
 " أعتقد ياعزيزي أن كل انقلاب تاريخي وكل نهضة في أمة تسير طبق هذا القانون حتي النهضات الدينية التي يرأسها الأنبياء والمرسلون صلوات الله عليهم 00 هذا كلام أعتقد أن القراء فيه قسمان : قسم درس تاريخ الأمم وأطوار نهوضها فهو مؤمن به معتقد له ، وقسم لم تتح له الفرصة ، فإن شاء درس ليعلم أني لم أقل إلا الحق ، وإن شاء وثق فما أريد إلا الإصلاح وما استطعت . 
كان ذلك في النهضات الموفقة ، فهل سارت نهضتنا وفق هذا القانون الكوني والسنة الاجتماعية ؟ " ( رسالة هل نحن قوم عمليون ) .


             القسم الرابع
  كيفية التعامل مع هذه الدروس
إن أول شروط التعامل المنهجي السليم من السنن الإلهية والقوانين الكونية في الأفراد والمجتمعات والأمم ، هو أن نفهم 00 بل أن نفقه فقهاً شاملاً رشيداً هذه السنن أو الدروس ، 
وكيف تعمل ضمن الناموس الإلهي أو ما نعبر عنه بـ " فقه السنن " ، 
ونستنبط منها على ضوء فقهنا لها القوانين الاجتماعية والدروس الحضارية ، و
في هذا يقول الأستاذ البنا في رسالة المؤتمر الخامس :
 " لا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة ، ولكن غالبوها ، واستخدموها ، وحولوا تيارها . واستعينوا ببعضها على بعض ، وترقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد " ( رسالة المؤتمر الخامس .
من هنا ولد مشروع النهضة عند الأستاذ البنا . فمن دراسة حال الأمة ، وتاريخها ، 
وتاريخ العالم الناهض من حولنا ، ومن خلال استقراء قوانين الحركة التاريخية ، 
ومن خلال تكوين رؤية للتعامل مع هذه القوانين أو الدروس قامت حركة النهضة المعاصرة .

ويمكن إيجاز ذلك في أن التحدي المتمثل في ( التخلف ) 
ولد ضرورة ( الاستجابة ) في فكرة مشروع النهضة والعمل على تنفيذه كمخرج وحيد من حالة التخلف التي تعيشها الأمة .

2- دراسة التاريخ

إن التاريخ البشري مخزن التجارب الإنسانية الناجحة والفاشلة . 
وعلى كل من يتحرك لإحداث تغيير اجتماعي في مجتمعه وأمته أن يلم بالتاريخ الإنساني كي يتجنب الوقوع في عثرات مميتة . والتاريخ مدرسة التليم الأساسية في العلوم الإنسانية ، 
منها يستقى المفكرون نظرياتهم وتصوراتهم عن مسيرة البشرية ، وإدراك العبرة في حركتها . 
ولهذا اهتم الأستاذ البنا بدراسة التاريخ دراسة عميقة . 
وقد أشار إلى ذلك في أكثر من موضع في رسائله فعلي سبيل المثال ، يقول :
 " أنت إذا راجعت تاريخ النهضات في الأمم المختلفة شرقية وغربية قديماً وحديثاً ، 
رأيت أن القائمين بكل نهضة موفقة نجحت وأثمرت كان لهم : منهاج محدد عليه يعملون 00 
راجع تاريخ الهيئات والشعوب تر هذا القول واضحاً بيناً ، وأنه أساس النجاح في كل نهضاتها 00 وأنت إذا رجعت بذاكرتك إلى تاريخ الفرق الإسلامية ، وإلى الأدوار التي سبقت ، 
وقارنت قيام الدولة العباسية في الشرق ثم إلى نهضة الدولة الحديثة الأوروبية من فرنسا وإيطاليا وروسيا وتركيا سواء في الدور الأول وهو دور تكوين المبادئ ومناصرة النظريات لرأيت كل ذلك يخضع إلة مناهج معروفة الخطوات تؤدي إلى النتيجة الحتمية التي تعمل لها الأمة " (
رسالة هل نحن قوم عمليون ) . 

وعليه ، يتناول هذا الفصل الأقسام التالية :
القسم الأول : دراسة التاريخ الإسلامي .
القسم الثاني : دراسة تاريخ الأمم الناهضة .
القسم الثالث : دراسة تاريخ حركات النهضة والتغيير .

 دراسة التاريخ الإسلامي
لقد شرح الأستاذ البنا في رساله " بين ألأمس واليوم " تطورات الفكرة الإسلامية وأهدافها ، 
وقد وضعت هذه الرسالة قبيل الحرب العلمية الثانية ، 
وفيها تحديد دقيق للأطوار التي مرت بها ألمة الإسلامية ، 
ومن بعثة الرسول الأمين وحتي سقوط آخر كيان سياسي للمسلمين بعد زوال الدولة العثمانية . هذه الدراسة للتاريخ الإسلامي ، ونقطة تقاطعه مع المشروع الغربي ، وعوامل انتصار المشروع الغربي ، ليست أمراً يمكن أن تمر عليه التربية في المجتمعات المسلمة مرور الكرام ، ل
أن من يقرأ الظروف التي كتبت فيها هذه الرسالة ، يعلم أنها كانت وصية الأستاذ البنا وأنه حرص على أن يضع صورة الحدث أو المشهد التاريخي الذي جاءت في سياقه " دعوة النهضة " أمام الدعاة ، وللمخاطر التي قد تحرفها عن مسارها إذا فقدت الرؤية الكلية أثناء سيرها نحو أهدافها .
إن الدراسة المتأنية لرسالة " بين الأمس واليوم " ، 
تضعنا أمام الفهم المتكامل للمنطلقات الأساسية للمشروع الذي قدمه الأستاذ البنا للنهوض بالأمة من جديد ، وعمق الأبعاد التاريخية التي شكلت الفكرة والحركة . 

لقد مرت الدعوة أو " الفكر الإسلامي " ـ كما أشرنا ـ  في الأطوار السبعة التالية :
الطور الأول : إعلان ميلاد الدعوة الجامعة .
الطور الثاني : قيام الدولة الإسلامية الأولى .
الطور الثالث : بداية التحلل في كيان الدولة الإسلامية .
الطور الرابع : الصراع والتدافع السياسي  .
الطور الخامس : الصراع والتدافع الاجتماعي .
الطور السادس : انتصار المشروع الغربي وهيمنته على الحضارة الإسلامية .
الطور السابع : طور اليقظة والصحوة الإسلامية وظهور دعوة البعث والإنقاذ .

 والشكل التالي يختصر هذه الأطوار :

الطور الأول : إعلان ميلاد الدعوة الجامعة ( الدعوة )
 " منذ ألف وثلاثمائة سنة وسبعين نادى محمد بن عبد الله النبي الأمي في بطن مكة وعلى رأس الصفا : ] يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون [ { الأعراف : 158 } فكانت تلك الدعوة الجامعة حداً فاصلاً في الكون كله ، بين ماضٍ مظلم ، ومستقبل باهر مشرق ، وحاضر زاخر سعيد ، وإعلاناً واضحاً مبيناً لنظام جديد شارعه الله العليم الخبير ومبلغه محمد البشير النذير ، وكتابه القرآن الواضح المنير ، وجنده السابقون الأولون من المهاجرين وألنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، وليس من وضع الناس ، ولكنه صبغه الله ومن أحسن من الله صبغة : ] ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلنا نوراً نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم * صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور [ { الشورى : 52-53 }   (رسالة بين الأمس واليوم )
ويتلخص هذا الطور في المضامين التالية :
1- إعلان ميلاد الدعوة الجامعة لتضع حداً فاصلاً في الكون كله .
2- إعلان واضح مبين لنظام عالمي جديد محدد المرجعية والهوية .
3- تبيان الأصول الفكرية والعلمية للإصلاح والتغيير الاجتماعي الشامل .
الطور الثاني : قيام الدولة الإسلامية الأولى ( الدولة )
 " على قواعد هذا النظام الاجتماعي القرآني الفاضل قامت الدولة الإسلامية الأولى تؤمن به إيماناً عميقاً ، وتطبقه تطبيقاً دقيقاً وتنشره في العالمين 00 وكانت الوحدة بكل معانيها ومظاهرها تشمل هذه الأمة الناشئة . فالوحدة الاجتماعية شاملة بتعميم نظام القرآن ولغة القرآن ، و
الوحدة السياسية شاملة في ظل أمير المؤمنين وتحت لواء الخلافة في العاصمة ، 
ولم يحل دونها أن كانت الفكرة الإسلامية فكرة لا مركزية في الجيوش ، وفي بيوت المال ، 
وفي تصرفات الولاة ، إذ أن الجميع يعملون بعقيدة واحدة وبتوجيه عام متحد " .

 " وقد اتصلت هذه الأمم الإسلامية بغيرها من الأمم ونقلت كثيراً من الحضارات ولكنها تغلبت بقوة إيمانها ومتانة نظامها عليها جميعاً ، فعربتها أو كادت ، واستطاعت أن تصيغها وأن تحملها على لغتها ودينها بما فيها من روعة وحيوية وجمال ، ولم يمنعها أن تأخذ النافع من هذه الحضارات جميعاً من غير أن يؤثر ذلك في وحدتها الاجتماعية أو السياسية " ( رسالة بين الأمس واليوم " .
وعليه ، قام هذا الطور على العناصر التالية :
1- إقامة الدولة على أسس النظام الاجتماعي والقرآني .
2- تحقيق الوحدة الاجتماعية الشاملة في ظل النظام الإسلامي .
3- تحقيق الوحدة السياسية الشاملة تحت لواء الخلافة الإسلامية .
4- طرد القوى المعادية  .
5- انطلاق حملات الفتح الإسلامي في الشرق والغرب والشمال والجنوب .
6- السيطرة على المجالات الحيوية وتحقيق السيادة البرية والبحرية .
7- الاتصال الحضاري بغيرها من الأمم ونقل المفيد من هذه الحضارات . 
الطور الثالث : بداية التحلل في كيان الدولة الإسلامية ( التحلل )
 " ومع هذه القوة البالغة والسلطان الواسع ، فإن عوامل التحلل قد أخذت تتسلل إلى كيان هذه الأمة القرآنية ، وتعظم وتنتشر وتقوي شيئاً فشيئاً حتى مزقت هذا الكيان وقضت على الدولة الإسلامية المركزية في القرن السادس الهجري بأيدي التتار ، وفي القرن الرابع عشر الهجري مرة ثانية ،
وتركت وراءها في كلتا المرتين أمما مبعثرة ودويلات صغيرة تتوق إلى الوحدة وتتوثب للنهوض ، وكان أهم هذه العوامل ما يلى :

1- الخلافات السياسية والعصبية وتنازع الرئاسة والجاه
] ولا تنازعوا فتفشلوا 000 [ { الأنفال : 46 }
2- الخلافات الدينية والمذهبية والخلل في الفهم الديني
" ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل " { حديث }
3- الانغماس في ألوان الترف والنعيم 00
] وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها 00[ { الاسراء : 16 }
4- سوء البطانة وإعطائهم من النفوذ ما لا يستحقون
] يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم 00 [ { آل عمران :118 }
5- إهمال العلوم العملية والمعارف الكونية .
] قل انظروا ماذا في السموات والأرض [ { يونس : 101 }
6- غرور الحكام والانخداع بقوتهم 0 وعدم النظر إلى تطور الآخرين
] ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس [ { الأعراف : 179 }
7- الانخداع بدسائس المتملقين من خصومهم ، والاعجاب بأعمالهم .
] يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتو الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين [ { آل عمران : 149 }
8- ضعف الدافع العقائدي الذي يقود إلى التحلل الخلقي المدمر .
] يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين [ { آل عمران : 149 } .
( رسالة بين الأمس واليوم )
إن كل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى بحث تفصيلي ، 
ولكن حسبنا هنا أن نشير إلى خطورة هذه القضايا التي أدت إلى انكسار خط الصعود للأمة ومازالت تفعل فعلها في العامة والخاصة .
الطور الرابع : الصراع والتدافع السياسي
ولقد ظهر هذا الصراع والتدافع على شكل موجات عدة على مدار عدة قرون ، 
ومن هذه الموجات :
الموجة الأولى : محاولات القضاء على الأمة الإسلامية :
1- التتار وإسقاط الخلافة العباسية في بغداد سنة 656 هجرية .
2- تسع حملات صليبية والتمكن من إقامة دولة صليبية في بيت المقدس .
الموجة الثانية : انتصارات متتالية للمسلمين :
1- استعادة بيت المقدس في معركة حطين .
2- رد التتار وطردهم من مصر في عين جالوت .
3- إعادة قيام الخلافة الإسلامية متمثلة في آل عثمان ( دولة الأتراك والعثمانية ) .
4- فتح القسطنطينية والامتداد إلى قلب أوربا .
الموجة الثالثة : مواكير النهضة في أوربا :
1- أخذ أوربا بأسباب القوة والتجمع تحت لواء الفرنجة في بلاد الغال .
2- إقامة الدولة الإسبانية على أنقاض الأندلس .
3- الاهتمام بإعمال الفكر والبحث العلمي والاكتشافات الجغرافية ، 
فكان اكتشاف أمريكا وطريق الهند .
4- توالى الثورات الإصلاحية وتكوين القوميات وقيام الدولة الحديثة القوية .
5- تكوين أحلاف مقدسة بين الدول الأوربية والفتنة لتمزيق الخلافة الإسلامية .
الموجة الرابعة : هجوم أوربي جديد على البلدان الإسلامية :
1- وضع العديد من المشروعات لتمزيق الدولة الإسلامية .
2- اقتسام تركة الرجل المريض وافتعال المسألة الشرقية .
3- سلخ كثير من الأقطار عن جسم الخلافة ووقوعها تحت السلطان الأوربي .
4- هزيمة تركيا وحلفائها في الحرب العلمية الأولى ( 1914-1918 ) .
5- اقتسام ميراث الدولة العثمانية باسم الاحتلال والاستعمار والانتداب ، والمصالح .
6- انتصار أوربا في هذا الصراع السياسي وتمزيق الامبراطورية الإسلامية وحذفها سياسياً .
الموجة الخامسة : إلى القوة من جديد واشتعال ثورات الاستقلال :
1- نيل بعض الأفقطار الإسلامية بعض حقوقها واستقلالها .
2- ظهور المعني القومي الخاص لكل دولة أو قطر إسلامي كأمة مستقلة .
3- تعمد كثير من العاملين لهذه النهضة أن يغفل فكرة الوحدة .
الموجة السادسة : حرب عالمية جديدة ومعاهدات ظالمة :
1- اشتعال الحرب العلمية الثانية وآثارها المدمرة .
2- تأصيل بذور الحقد والبغضاء في صدور الدول الأوربية على بعضها البعض .
3- ظهور أفكار جديدة ومبادئ متعصبة ، تنذر بخلاف جديد وحروب طاحنة .
4- سنوح فرصة أخرى للأمة الإسلامية لتسوية صفوفها واسترداد دولتها ووحدتها . 

وإذا كان هذا هو الخط التاريخي الذي أدركه الأستاذ البنا ، 
فعلينا أن نمد الخط إلى الأمام لنعرف كيف تطور الوضع منذ الحرب الثانية إلى الآن ، 
وهو أمر آخر يحتاج إلى كتابة مستقلة .
وحسبنا في هذا المجال أن نسير على المنهجية التي قدمها لنا الأستاذ البنا .
الطور الخامس : الصراع والتدافع الاجتماعي :
ولقد ظهر هذا الصراع والتدافع على شكل موجات عدة على مدار عدة قرون ، 
ومن هذه الموجات :
الموجة الأولى : حضارة جديدة تتبلور :
 " إن الأمم الأوربية التي اتصلت بالإسلام وشعوبه في الشرق بالحروب الصليبية ، وفي الغرب بمجاورة عرب الأندلس وخالطتهم ، ولم تستفد من هذا الاتصال مجرد الشعور القوي أو التجمع والتوحد السياسي ، ولكنها أفادت إلى جانب ذلك يقظة ذهنية وعقلية كبيرة واكتسبت علوماً ومعارف جمة " ( رسالة بين الأمس واليوم ) .
وأبرز مظاهر هذه الموجة ، كما أكد الأستاذ البنا ، هي :
1- ظهور نهضة أدبية وعلمية واسعة النطاق في أوربا .
2- نشوب صراع عنيف بين هذه النهضة وبين الكنيسة انتهي بانتصار الأولى .
3- قيام الثورة الصناعية الإنتاجية كثمرة من ثمرات النهضة العلمية الحديثة .
4- امتداد سلطان الدولة الأوربية إلى كثير من البلاد والأقطار .
5- قيام الحياة والحضارة الأوربية على قاعدة إقصاء الدين عن الدولة والمحكمة والمدرسة.
6- طغيان النظرة المادية وجعلها المقياس في كل شئ ، وتفشي قيم جديدة مثل : الإلحاد ، والإباحية ، والأنانية ، والربا .
الموجة الثانية : غزو بلاد الإسلام ونقل الحياة المادية :
 " وقد عمل الأوروبيون جاهدين على أن تغمر موجة الحياة المادية ، ب
مظاهرها الفاسدة وجراثيمها القتالة ، جميع البلاد الإسلامية التي امتدت إليها أيديهم وأوقعتها سوء الطالع تحت سلطانهم ، مع حرصهم الشديد على أن يحتجزوا دون هذه الأمم عناصر الصلاح والقوة من العلوم والمعارف والصناعات والنظم النافعة . 
وقد أحكموا خطة هذا الغزو الاجتماعى إحكاماً شديداً واستعانوا بدهائهم السياسي وسلطانهم العسكري حتى تم لهم ما أرادوا " ( رسالة بين الأمس واليوم ) .
وأبرز مظاهر هذه الموجة ، كما أكد الأستاذ البنا ، هي :
1- إغراء الحكام بالاستدانة منهم والتعامل معهم .
2- اكتساب حق التدخل الاقتصادي وإغراق البلاد برؤس الأموال والمصارف والشركات ، 
وإدارة دولاب العمل الاقتصادي كما يريدون .
3- تغيير قواعد الحكم والقضاء والتعليم وصبغ النظم السياسية والتشريعية بصبغتهم .
4- جلب النساء والخمور والمسارح والمراقص والملاهي والأدبيات والسلوكيات الماجنة .
5- إباحة الجرائم وتزيين الدنيا الصاخبة العابثة .
6- إنشاء المدارس والمعاهد العلمية والثقافية الغربية في عقر ديار الإسلام للتشكيك والتغريب
7- جعل أبناء الإسلام يحتقرون دينهم وأوطانهم ويقدسون كل ما هو غربي .
8- تلاحق البعثات الدراسية لاستكمال عملية الغزو الثقافي والاجتماعي المنظم .
الموجة الثالثة : محاولات خديعة عقلاء المسلمين :
 " ومع هذا فالموجة تمتد بسرعة البرق لتصل إلى ما لم تصل إليه بعد من النفوس والطبقات والأوضاع . ولقد استطاع خصوم الإسلام أن يخدعوا عقلاء المسلمين وأن يضعوا ستاراً كثيفاً أمام أعين الغير منهم ، بتصوير الإسلام نفسه تصويراً قاصراً في ضروب من العقائد والعبادات والأخلاق إلى جانب مجموعة من الطقوس والخرافات والمظاهر الجوفاء ، 
وأعانهم على هذه الخديعة جهل المسلمين بحقيقة دينهم حتى استراح كثير منهم إلى هذا التصوير واطمأنوا إليه ورضوا به ، وطال عليهم في ذلك الأمد حتي صار من العسير أن نفهم أحدهم أن الإسلام نظام اجتماعى كامل يتناول كل شؤون الحياة " ( رسالة بين الأمس واليوم ) .
والشكل التالي يوضح خطة الغزو الشامل :
الطور السادس : انتصار المشروع الغربي وهيمنته على الحضارة الإسلامية :
 " ونستطيع بعد ذلك أن نقول إن الحضارة الغربية بمبادئها المادية قد انتصرت في هذا الصراع الاجتماعي على الحضارة الإسلامية بمبادئها القويمة الجامعة للروح والمادة معاً في أرض الإسلام بمبادئها القويمة الجامعة للروح والمادة معاً في ارض الإسلام نفسه ، وفي حرب ضروس ميدانها نفوس المسلمين وأرواحهم وعقائدهم وعقولهم ، كما انتصرت في الميدان السياسي والعسكري ، 
ولا عجب في هذا فإن مظاهر الحياة لا تتجزأ والقوة قوة فيها جميعاً ، 
والضعف ضعف فيها جميعاً كذلك : ] وتلك الأيام نداولها بين الناس [ { آل عمران : 140 } ، وإن كانت مبادئ الإسلام وتعاليمه ظلت قوية في ذاتها فياضة بالخصب والحياة جذابة أخاذة بروعتها وجمالها ، وستظل كذلك لأنها الحق ، ولن تقوم الحياة الإنسانية كاملة فاضلة بغيرها ولأنها من صنع الله وفي حياطته : ] إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [   { الحجر :  }
]ويأبي الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون [ { التوبة:32} ( رسالة بين الأمس واليوم ) .
وعليه أكد الأستاذ البنا إن الحضارة الغربية انتصرت في هذا الطور على نفوس المسلمين كما انتصرت في الميدان السياسي والعسكري . وفي الوقت نفسه أكد على قوة الإسلام بمبادئه وتعاليمه ، 
والتي تكفل الحياة الإنسانية الكاملة والفاضلة .
الطور السابع : طور اليقظة والصحوة الإسلامية وظهور دعوة البعث والإنقاذ :
 " وكما كان لذلك العدوان السياسي أثره في تنبيه المشاعر القومية ، 
كان لهذا الطغيان الاجتماعي أثره كذلك في انتعاش الفكرة الإسلامية ،
فارتفعت الأصوات من كل مكان تطالب بالرجوع إلي الإسلام وتفهم أحكامه وتطبيق نظامه . 
ولابد أن يأتي قريباً ذلك اليوم الذي تندك فيه صروح هذه المدينة المادية على رؤوس أهلها ،
وحينئذ يشعرون بسعير الجوع الروحي تشتعل به قلوبهم وأرواحهم ولا يجدون الغذاء والشفاء والدواء إلا في تعاليم هذا الكتاب الكريم :
] يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين * قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون [ {يونس: 57-58 } " .

دراسة تاريخ حركات النهضة والتغيير
من المفيد جداً لحركة النهضة التي تدرس وتحلل وتنتقد تجارب غيرها من الحركات النهضوية السابقة واللاحقة ، فإن في ذلك لعبرة وعظة ، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى في كثير من موقع في القرآن الكريم بضرورة النظر والتفكير في أحوال الأمم الغابرة وكيف مضت فيها سنة الله نصراً أو هزيمة ، 
وهذا ما يؤكده الأستاذ البنا بقوله :
 " إن نهضات الأمم جميعها إنما بدأت على حال من الضعف يخيل للناظر إليها إلى أن وصولها إلى ما تبتغي ضرب من المحال . ومع هذا الخيال فقد حدثنا التاريخ أن الصبر والثبات والحكمة والأناة وصلت بهذه النهضات الضعيفة النشأة ، القليلة الوسائل إلى ذروة ما يرجو القائمون بها من توفيق ونجاح . ومن ذا الذي كان يصدق أن الجزيرة العربية وهي تلك الصحراء الجافة المجدبة تنبت النور والعرفان ، وتسيطر بنفوذ أبنائها الروحي والسياسي على أعظم دول العالم ؟ " ( رسالة إلى أى شئ ندعو الناس ) .
 * الخلافة الراشدة :
 " ومن ذا الذي كان يصدق أن أبا بكر ، وهو ذلك القلب الرقيق اللين ، وقد انتقضه الناس عليه وحار أنصاره في أمرهم ، يستطيع أن يخرج في يوم واحد أحد عشر جيشاً تقمع العصاة وتقيم المعوجين وتؤدب الطاغى وتنقم من المرتدين ، وتستلخص حق الله في الزكاة من المانعين ؟ " ( رسالة إلى أي شئ ندعو الناس ) .
·                    الدولة العباسية :
·        " ومن ذا الذي كان يصدق أن هذه الشيعة الضئيلة المستترة من بني على والعباس تستطيع أن تقلب ذلك الملك القوى الواسع الأكناف ما بين عشية أو ضحاها ، وهي ما كانت يوماً من الأيام إلا عرضة للقتل والتشريد والنفي والتهديد ؟ " ( رسالة إلى أى شئ ندعو الناس )
·        الدولة الأيوبية :
" ومن ذا الذي كان يظن أن صلاح الدين الأيوبي يقف الأعوام الطوال فيرد ملوك أوروبا على أعقاب     مع توافر عددهم وتظاهر جيوشهم ، حتى اجتمع عليه خمسة وعشرون ملكاً من ملوكهم الأكابر ؟ " ( رسالة إلى أى شئ ندعو الناس ) .
·                     الدولة السعودية :
 " ذلك في التاريخ القديم ، وفي التاريخ الحديث أروع المثل على ذلك ، فمن كان يظن أن الملك عبد العزيز آل سعود وقد نفيت أسرته وشرد أهله وسلب ملكه يسترد هذا الملك ببضعة وعشرين رجلاً ؟ " ( رسالة إلى أى شئ ندعو الناس ) .
* الدولة الألمانية :
 " ومن كان يصدق أن ذلك العامل الألماني ( هتلر ) يصل إلى ما وصل إليه من قوة النفوذ ونجاح الغاية ؟ " ( رسالة إلى أى شئ ندعو الناس ) .
ورغم أهمية الدراسة العميقة لمثل هذه النماذج إلا أن ذلك لا يفيد الحصر والقصر ، 
بل يفيد المنهجية الكلية . وعلى ذلك ، فإن النماذج التاريخية البعيدة والقريبة كلها مجالات وحقول دراسية خصبة يجب أن توضع على مشرحة التحليل والنظر . وأن أخطر ما يمكن أن يقلل من سعة الفكرة وشمولها قصر الدراسات على التاريخ الإسلامي القديم وعدم الإعتبار بعموم التجربة الإنسانية .


3- دراسة الواقع
القسم الأول : التحليل الوصفي ( النوعي )
القسم الثاني : التحليل الإحصائي ( الكمى )


                                 القسم الأول
التحليل الوصفي ( النوعي )
الملفات الرئيسية التي سيواجهها المد النهضوي :
يعرض الأستاذ البنا تحليلاً وصفياً لمظاهر أزمة الأمة قائلاً :
 " وقد علمتنا التجارب وعرفتنا الحوادث أن داء هذه الأمم الشرقية متشعب المناحي ، 
كثير الأعراض ، قد نال من كل مظاهر حياتها . فهي مصابة في :
1- ناحيتها السياسية بالاستعمار من جانب أعدائها ، 
والحزبية والخصومية والفرقة والشتات من جانب أبنائها .
2- وفي ناحيتها الاقتصادية بانتشار الربا بين كل طبقاتها واستيلاء الشركات الأجنبية على مواردها وخيراتها .
3- وهي مصابة من ناحيتها الفكرية بالفوضي والمروق والإلحاد يهدم عقائدها ويحطم المثل العليا في نفوس أبنائها .
4- وفي ناحيتها الاجتماعية بالإباحية في عاداتها وأخلاقها والتحلل من عقدة الفضائل الإنسانية التي ورثتها عن الغر الميامين من أسلافها ، وبالتقليد الغربي يسري في مناحي حياتها سريان لعاب الأفاعي فيسمم دماءها ويعكر صفو هنائها .

5- وبالقوانين الوضعية التي لا تزجر مجرماً ولا تؤدب معتدياً ولا ترد ظالماً ، ولا تغني يوماً من الأيام غناء القوانين السماوية التي وضعها خالق الخلق ومالك الملك ورب النفوس وبارئها .
6- وبفوضى في سياسة التعليم والتربية تحول دون التوجيه الصحيح لنشئها ورجال مستقبلها وحملة أمانة النهوض بها .
7- وفي ناحيتها النفسانية بيأس قاتل ، وخمول مميت ، وجبن فاضح ، وذلة حقيرة ، وخنوثة فاشية وشح وأنانية تكف الأيدي عن البذل ، وتقف حجاباً دون التضحية ، وتخرج الأمة من صفوف المجاهدين إلى اللاهين اللاعبين .
وما يرجي من أمة اجتمعت على غزوها هذه العوامل بأقوى مظاهرها وأشد أعراضها ، متمثلة في :
1- الاستعارة والحزبية .
2- الربا والشركات الأجنبية .
3-الإلحاد0
4-الإباحية0
5- فوضى التعليم 0
6- فوضى التشريع 0
7- اليأس ، والشح ، والخنوثة والجبن 0
8- الإعجاب بالخصم يدعو إلى تقليده 00
" إن داء واحد من هذه الأدوات يكفى لقتل أمم متظاهرة، فكيف وقد تفشت جميعا فى كل أمه على حدة ؟ لولا مناعة وحصانة وجلادة وشدة فى هذه الأمم الشرقية التى جاذبها خصومها حبل العداء من بعيد ، ودأبوا على تلقيحها بجراثيم هذه الأمراض زمنا طويلا حتى باضت وافرخت ،لولا ذلك لعفت أثارها ولبادت من الوجود 0 ولكن يأبى الله ذلك والمؤمنون 0يا اخى
هذا هو التشخيص الذى يلمسه الإخوان فى امراض هذه الأمة ،وهذا هو الذى يعملون فى سبيل أن يبرئها منه ويعيد إليها ما فقدت من صحة وشباب "( رسالة دعوتنا )
وعلى ذلك يأتى :
ـ ملف الاستعمار 0
ـ وملف الاقتصاد والاحتكارات الأجنبية 0
ـ وملف الحالة الاجتماعية 0
ـ وملف التعليم 0
ـ وملف التشريع 0
ـ وملف الحالة النفسية 0
لتشكل أهم محاور الاهتمام النهوضى للدعوة المعاصرة 0

                القسم الثانى 
                  التحليل الإحصائى ( الكمى )
وقد اتبع الأستاذ البنا ـ أيضا ـ طريقة التحليل الإحصائى ، أ
و ما نطلق عليه فى دراستنا اليوم ( التحليل الكمى ) لواقع الأمة ، 
كمنهجية أخرى لدراسة الواقع ،لما لهذه الخطوه من أثر كبير على خطط الحركة وسياستها ومواقفها 0 وهنا لابد من أن يلتفت القائمون على امر النهضة إلى ضرورة استدراك ذلك فى مناهجهم التربوية والثقافية ،وان يتخذوا لهم مؤسسات للبحوث والدراسات ومراكز للمعلومات تمدهم بما يلزم لتجعلهم على بصيرة من أمرهم كما اشرنا إلى ذلك آنفا 0 وفى ذلك يقول الأستاذ البنا :
" فاذكروا أيها الإخوان أن أكثر من ( 60% ) من السكان يعيشون معيشة الحيوان 00 
وأن مصر بها أكثر من ( 320) شركة أجنبية تحتكر  كل المرافق العامة وكل المنافع الهامة فى جميع أنحاء البلاد ، وان أكثر من ( 90 % ) من الشعب مهدد بضعف البنية وفقد الحواس ومختلف العلل والأمراض ، وأن مصر لازالت إلى الآن جاهلة لم يصل عدد المتعلمين فيها إلى الخمس بما في ذلك أكثر من مائة ألف شخص لا يتجاوز تعليمهم برامج مدارس الإلزام ، وأن الجرائم تتضاعف 00 " 
( رسالة بين الأمس واليوم ) .

"  هذه لغة الأرقام ، وهذا قليل من كثير من مظاهر البؤس والشقاء في مصر ، 
فما سبب ذلك كله ؟ 00 ومن المسئول عنه ؟ 00 وكيف نتلخص منه ؟
وما الطريق إلى الإصلاح ؟ 00 " ( رسالة المؤتمر السادس ) .
وعل ذلك نستطيع أن نقيس في مجمل العملية النهضوية وفي تفصيلاتها ، 
ونقول علينا بجمع الإحصاءات المعبرة كمياً عن مجالات حياة المجتمعات المسلمة اليوم ، 
ونعمل على تمحيصها ودراستها وتحليلها 00 لنرسم المنهج العملي للتخلص من مظاهر البؤس والشقاء 00 ونحدد الطريق القويم لإحداث مشروع النهضة 00 ونموذج التنمية المستدامة .

4-  إمكانية النهوض من جديد

القسم الأول : إمكانية النهضة .
القسم الثاني : دلالات النهوض .

 تقديم : الاستعداد للنهوض
بعد الدراسة العميقة للتاريخ ، والدراسة الفاحصة للواقع ، والتعرف على مواطن الداء ، 
كان لابد من العمل على مواجهة هذا الواقع والعمل على إنقاذ الأمة مما هي فيه ، 
ووصف الدواء المناسب لها .
وهذا ما دفع الأستاذ البنا إلى ضرورة الاستعداد للنهوض بالأمة من جديد ، فاسمعه يقول :
 " كذلك شاءت ظروفنا أن نواجه كل ذلك ، وأن نعمل على إنقاذ الأمة من الخطر المحدق بها من كل ناحية . وإن الأمة التي تحيط بها ظروف كظروفنا وتنهض لمهمة كمهمتنا ، و
تواجه واجبات كتلك التي نواجهها لا ينفعها أن تتسلي بالمسكنات أو تتعلل بالآمال والأماني ، 
وإنما عليها أن تعد نفسها لكفاح طويل عنيف وصراع قوي شديد بين الحق والباطل ، 
وبين النافع والضار ، وبين صاحب الحق وغاصبه ، وسالك الطريق وناكبه ، 
وبين المخلصين الغيورين والأدعياء المزيفين ، وإن عليها أن تعلم أن الجهاد من الجهد والجهد هو التعب والعناء  " ( رسالة هل نحن قوم عمليون ) .
إذا كانت معطيات واقعنا الإسلامي هي كما بينتها الملفات الرئيسية السابقة والإحصاءات الاستقرائية ، فتبقى عدة مسائل هامة نجملها فيما يلى :
القسم الأول : إمكانية النهضة .
القسم الثاني : دلالات النهوض .

               القسم الأول
       إمكانية النهضة
يقول الأستاذ البنا في هذا 00 بثقة المسلم وعزة المؤمن :
 " .. إن مهمتنا سيادة الدنيا وإرشاد الإنسانية كلها إلى نظم الإسلام الصالحة وتعاليمه التي لا يمكن بغيرها أن يسعد الناس .." ( رسالة إلى أى شئ ندعو الناس ) .
ثم يؤكد هذه الحقيقة بقوله :
 " .. إن العالم كله حائر يضطرب ، وكل ما فيه من النظم قد عجز عن علاجه ، 
ولا دواء له إلا الإسلام ، فتقدموا باسم الله لإنقاذه ، فالجميع في انتظار المنقذ ، 
ولن يكون المنقذ إلا الإسلام التي تحملون مشعلها وتبشرون بها .." ( رسالة إلى الشباب ) .
ويوضح الأستاذ البنا بجلاء عهد الانتقال من حالة الضعف والركود في حياة الأمم إلى حالة القوة والنهوض بقوله :
 " وإن أخطر العهود في حياة الأمم وأولاها بتدقيق النظر عهد الانتقال من حال إلى حال ، إ
ذ توضع مناهج العهد الجديد وترسم خططه وقواعده التي يراد تنشئة الأمة عليها والتزامها إياها ، فإذا كانت هذه الخطط والقواعد والمناهج واضحة صالحة قويمة فبشر هذه الأمة بحياة طويلة مديدة وأعمال جليلة مجيدة ، وبشر قادتها إلى هذا الفوز ، وأدلتها في هذا الخير ، بعظيم الأجر وخلود الذكر وإنصاف التاريخ وحسن الأحدوثة " ( رسالة نحو النور ) .
وأخيراً يقرر الأستاذ البنا إمكانية النهضة .. وطريقها القويم ، فيقول :
 " دعوت قومي إلى أن يختاروا ، أو بعبارة أصح وأوضح ، إلى أن يبروا بعهدهم مع الله ومع أنفسهم ، فيقيموا دعائم حياتنا الاجتماعية في كل مظاهرها على قواعد الإسلام الحنيف ، 
وبذلك يسلم مجتمعنا من هذا القلق والاضطراب والبلبلة التي شملت كل شئ ، 
والتي وقفت بنا عن كل تقدم ، والتي حالت بيننا وبين أن نتعرف الطريق السوي إلى علاج أية قضية من قضايانا الكثيرة المعلقة في الداخل والخارج .
وقلت إنه لا سبيل إلى النجاة إلا هذا الاتجاه عقيدة وعملاً بكل ما نستطيع من حزم وسرعة " 
( رسالة مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي ) .

                     القسم الثاني
             دلالات النهوض
يقدم الأستاذ البنا دلالات أربعاً لنهوض الأمة ، كما يلى :
الدلالة الأولى : الدلالة الاجتماعية
وفي هذه الدلالة النهضوية يقول الأستاذ البنا :
 " يقول علماء الاجتماع إن حقائق اليوم هي أحلام الأمس ، وأحلام اليوم حقائق الغد . 
وتلك نظرة يؤيدها الواقع ويعززها الدليل والبرهان ، بل وهي محور تقدم الإنسانية وتدرجها مدارج الكمال ، فمن ذا الذي كان يصدق أن يصل العلماء إلى ما وصلوا إليه من المكتشفات والمخترعات وقبل حدوثها ببضع سنين ، بل إن أساطين العلم أنفسهم أنكروها لأول عهدهم بها ، حتي أثبتها الواقع وأيدها البرهان ، والمثل على ذلك كثيرة ، وهي من البداهة بحيث يكفينا ذلك عن الإطالة بذكرها " 
( رسالة إلى أى شئ ندعو الناس ) .
الدلالة الثانية : الدلالة التاريخية :
" إن نهضات الأمم جميعها إنما بدأت على حال من الضعف يخيل للناظر إليها أن وصولها إلى ما تبتغي ضرب من المحال ، ومع هذا الخيال فقد حدثنا التاريخ أن الصبر والثبات والحكمة والأناة وصلت بهذه النهضات الضعيفة النشأة القليلة الوسائل إلى ذروته ما يرجو القائمون بها من توفيق ونجاح . ومن ذا الذي كان يصدق أن الجزيرة العربية وهى تلك الصحراء الجافة المجدبة تنبت النور والعرفان ، وتسيطر بنفوذ أبنائها الروحي والسياسي على أعظم دول العالم ؟ 
( رسالة إلى أى شئ ندعو الناس ) .
وقس على ذلك النهضة اليابانية والصينية والهندية وكل الأجنة النهضوية المعاصرة كشواهد على هذه الحقيقة البسيطة .
الدلالة الثالثة : الدلالة المنطقية :
وعن هذه الدلالة ، يقول الأستاذ البنا متأملاً :
 " وثم نظرتان سلبيتان تحدثان النتيجة بعينها ، وتوجهان قلب الغيور إلى العمل توجيهاً قوياً صحيحاً .
ـ أولاهما : إن هذه الطريق مهما طالت فليس هناك غيرها في بناء النهضات بناء صحيحاً ، 
وقد أثبتت التجربة صحة النظرية .
ـ وثانيتهما : أن العامل يعمل لأداء الواجب أولاً ، ثم للأجر الأخروي ثانياً ، ثم للإفادة ثالثاً ، 
وهو إن عمل فقد أدي الواجب ، وفاز بثواب الله ، وما في ذلك من شك ، متى توافرت شروطه ، وبقيت الإفادة وأمرها إلى الله ، فقد تأتي فرصة لم تكن في حسابه تجعل عمله يأتي بأبرك الثمرات ، 
علي حين أنه إذا قعد عن العمل فقد لزمه إثم التقصير ، وضاع منه أجر الجهاد ، 
 وحرم الإفادة قطعاً فأي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً ؟ 
وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في صراحة ووضوح في الآية الكريمة :
] لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون * فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون [ { الأعراف : 164-165 }  ( رسالة إلى أى شئ ندعو الناس ) .
الدلالة الرابعة : الدلالة الدينية :
وفي النصوص والبشائر والتطمينات الربانية ما يقطع شك المشككين في إمكانية النهضة . 

ويمكنا هنا ان نذكر قصة سيدنا موسي عليه السلام

وندرس منها مرحل التغيير والاصلاح وبناء الامم

 5- دروس التاريخ
القسم الأول : قوانين النهضة
القسم الثاني : كيفية التعامل مع القوانين والسنن .

 قوانين النهضة
لما كانت النهضة ممكنة بدلالات وبشارات عديدة ، 
دعونا نتساءل بعد ذلك عن ماهية القوانين أو السنن الحاكمة لعملية النهضة .
ويبدو لنا من خلال هذه السياحة في فكر الأستاذ البنا أن الأستاذ ومن خلال دراستة العميقة للتاريخ واستيعابه الدقيق للواقع واستشرافه للمستقبل ، بالاضافة إلى الثقافة الشرعية والإنسانية الشاملة ، 
كل ذلك مكنه من استخلاص مجموعة من القوانين والدروس التاريخية والاجتماعية التى تعمل وفق السنن الإلهية في الأفراد والجماعات والأمم . ومن خلال تأملنا في فكره ندرك أن هناك مجموعة من القوانين التي ينبغي عدم إغفالها ونحن نستعد للنهوض بهذه الأمة من جديد ، وأهمها القوانين التالية :
1- الفكرة المركزية .
2- قانون القوة الدافعة .
3- قانون التغيير الذاتي .
4- قانون الانطلاق والبدء .
5- قانون نجاح الأفكار .
6- قانون إعداد الرجال .
7- قانون المتطلبات الأولية للنهضة .
8- قانون مقياس العمل الدعوى .
9- قانون التدافع الإنساني .
10- الاستشراف والفرصة .
11- قانون التداول والاستبدال الحر .
12- قانون الدعائم السبعة للنهضة .
ولنتناول كل قانون من هذه القوانين ، 
أو درس من هذه الدروس بشئ من التفصيل من خلال فكر الأستاذ البنا ، فيما يلى :
القانون الأول : الفكرة المركزية :
يقول الأستاذ البنا :
 " يعتقد الإخوان المسلمون أن الله تبارك وتعالى حين أنزل القرآن وأمر عباده أن يتبعوا محمد صلى الله عليه وسلم ورضي لهم الإسلام ديناً ، وضع في هذا الدين القويم كل الأصول اللازمة لحياة الأمم ونهضتها وإسعادها ، وذلك مصداق قول الله تبارك وتعالى :
] الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم [ { الأعراف : 157 } . ( إلى أي شئ ندعو الناس ص46) .
القانون الثاني : القوة الدافعة ( المكنة النفسية ) :
وفي هذا يشدد الأستاذ البنا فيقول :
 " وينظر الناس في الدعوات إلى مظاهرها العلمية وألوانها الشكلية ، 
ويهملون كثيراً النظر إلى الدوافع النفسية والإلهامات الروحية التي هي في الحقيقة مدد الدعوات وغذاؤها وعليها يتوقف انتصارها ونماؤها . وتلك حقيقة لا يجادل فيها إلا البعيد عن دراسة الدعوات وتعرف أسرارها . إن من وراء المظاهر جميعاً في كل دعوة روحاً دافعة ، 
وقوة باطنة تسيرها وتهيمن عليها وتدفع إليها ، ومحال ان تنهض أمة بغير هذه اليقظة الحقيقية في النفوس والأرواح والمشاعر " ] إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم [ { الرعد: 11 }
ولهذا أستطيع أن أقول إن أول ما نهتم له في دعوتنا ، وأهم ما نعول عليه في نمائها وظهورها وانتشارها هذه اليقظة الروحية المرتجلة ، فنحن نريد أول ما نريد يقظة الروح ، حياة القلوب ، صحوة حقيقية في الوجدان والمشاعر ، وليس يعنينا أن نتكلم عما نريد بهذه الدعوة من فروع الإصلاح في النواحي العملية المختلفة بقدر ما يعنينا أن نركز في النفوس هذه الفكرة .
نحن نريد نفوساً حيةً قويةً فتيةً ، قلوباً جديدة خفاقةُ ، مشاعر غيورة ملتهبة متأججة ، 
أرواحاً طموحة متطلعةً متوثبة ، تتخيل مثلاً علياً ، وأهدافاً سامية لتسموا نحوها وتتطلع إليها 
ثم تصل إليها ، ولبد من أن تحدد هذه الأهداف والمثل ، ولابد من تحصر هذه العواطف والمشاعر ، ولابد من أن تركز حتى تصبح عقيدة لا تقبل جدلاً ولا تحتمل شكلاً ولا ريباً ، 
وبغير هذا التحديد والتركيز سيكون مثل هذه الصحوة مثل الشعاع التئه في البيداء لا ضوء له ولا حرارة فيه ، فما حدود الأهداف وما منتهاها ؟! ( دعوتنا في طور جديد )
لنقف بين يدي الأستاذ الأول وهو سيد المربين وفخر المرسلين رسولنا e 
لنتلقي عنه دروس الإصلاح من جديد ، وندرس خطوات الدعوة من جديد ..
إن النبى e قذف في قلوب صحابته بهذه المشاعر الثلاثة ، فأشرقت بها وانطبعت عليها . 
هذه المشاعر هي :
الشعور الأول : الإيمان بعظمة الرسالة :
قذف النبي e في قلوب صحابته أن ما جاب به هو الحق وما عداه الباطل وأن رسالته خير الرسالات ، ونهجه أفضل المناهج ، وشريعته أكمل النظم التي تتحقق بها سعادة الناس أجمعين ، وتلا عليهم من كتاب الله مايزيد هذا المعني ثباتاً في النفس وتمسكاً في القلب . إذ تلا عليهم قول الحق تبارك وتعالى :
# ] فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم [ { الزخرف: 43 } .
# ] فتوكل على الله إنك على الحق المبين [ { النمل: 79 } .
# ] ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعملون [ {الجاثية:18}
# ] فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً [ { النساء : 65 } .
الشعور الثاني : الاعتزاز باعتناقها :
وقذف في قلوبهم أنهم ماداموا أهل الحق وماداموا حملة رسالة النور وغيرهم يتخبط في الظلام ، وماداموا بين يديهم هدي السماء لإرشاد الأرض ، فهم إذاً يجب أن يكونا أساتذة الناس .. وجاء القرآن الكريم يثبت هذا المعنى ويزيده وضوحاً ، وصاروا يتلقون عن نبيهم من وحي السماء :
@ ] منتك خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله [  { آل عمران : 110 } .
@ ] وكذلك جعلناكم أة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً [ { البقرة : 143 } .
@ ] وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج [ { الحج : 78 } .
الشعور الثالث : الأمل في تأييد الله إياها :
وقذف في قلوبهم أنهم ماداموا كذلك مؤمنين بهذا الحق معتزين بانتسابهم إليه ، 
فإن الله معهم يعينهم ويرشدهم وينصرهم ويؤيدهم ويمدهم إذا تخلى عنهم الناس ، 
ويدفع عنهم إذع أعوذهم النصير ، وهو معهم أينما كانوا . وإذا لم ينهض معهم جند الأرض تنزل عليهم المدد من جند السماء ، وأخذوا يقرأو هذه المعاني واضحة في كتاب الله :
* ] إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين [ { الأعراف: 128 } .
* ] أن الأرض يرثها عبادى الصالحون [ { الأنبياء : 105 } .
* ] ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز [ { الحج : 40 } .
* ] كتب الله لأغلبن أنا ورسلى [ { المجادلة : 21 } .
* ] والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ { يوسف : 21 } .
* ] إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا [ { الأنفال : 12 } .
* ] وكان حقاً علينا نصر المؤمنين [ { الروم : 47 } .
* ] ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض [ { القصص : 5 } ( دعوتنا في طور جديد ) .
القانون الثالث : التغير الذاتى
( إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) "الرعد :11 " وفى هذا يقرر الأستاذ البنا أن:
"هذا هو قانون الله تبارك وتعالى وسنته فى خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا :
( إن الله لا يغيروا ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) "الرعد : 11
" وهو أيضا القانون الذى عبر عنه النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف ا
لذى رواه أبو داود : 
(يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ،فقال قائل :ومن قلة نحن يومئذ ؟قال :بل انتم يومئذ كثير ،ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن فى قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت )0
أولست تراه صلى الله عليه وسلم قد بين أن سبب ضعف الأمم وذلة الشعوب وهن نفوسها وضعف قلوبها، وخلاء أفئدتها من الأخلاق الفاضلة وصفات الرجولة الصحيحة ، 
وإن كثر عددها وذادت خيراتها وثمراتها 0وإن الأمة إذا رتعت فى النعيم وأنست بالترف وغرقت فى أعراض المادة وافتتنت بزهوة الحياة الدنيا ، ونسيت احتمال الشدئد ومقارعة الخطوب والمجاهدة فى سبيل الحق ، فقل على عزتها وآمالها العفاء "( رسالة إلى أىشىءندعو الناس )
إن المطلوب هو تغيير إيجابى فى عالم الأفكار وعالم المشاعر وعالم النظم والعلاقات ، أ
ىعالم النفوس ، ليتغير من حولناعالم الأشياء ، تلك هى الحقيقة الثالثة 
0
القانون الرابع : مستلزمات الانطلاق والبدء
ويحدد الأستاذ البنا مستلزمات مشروع النهضة بقوله:
"إن تكوين الأمم وتربية الشعوب وتحقيق الآمال ومناصرة المبادىء تحتاج من الأمة التى تحاول هذا أومن الفئة التى تدعو إليه على الأقل إلى قوة نفسية عظيمة تتمثل فى عدة امور:
1-              إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف 0
2-               وفاء ثابت لايعدو عليه تلون ولا غدر 0
3-               تضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل 0
4-      معرفة بالمبدأ والإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه ، 
والإنحراف عنه والمساومة عليه ،والخديعة بغيره0
على هذه الأركان الأولية التى هى من خصوص النفوس وحدها ،
وعلى هذه القوة الروحية الهائلة تبنى المبادىءوتتربى الأمم الناهضة وتتكون الشعوب الفتية وتتجدد الحياة فيمن حرموا الحياة زمنا طويلا 0
وكل شعب فقد هذه الصفات الأربعة ، أو على الأقل فقدها قواده ودعاة الإصلاح فيه ، 
فهو شعب عابث مسكين، لايصل إلى خير ولا يحقق أملا 0 وحسبه أن يعيش فى جو من الأحلام والظنون والأوهام : ( إن الظن لايغنى من الحق شيئا ) (رسالة إلى أى شىء ندعو الناس )00
القانون الخامس : مقومات نجاح الأفكار (الشباب )
ولنجاح المشروع ، ركز الأستاذ البنا بحق ،على العمود الفقرى لإحداث النهضة وهم الشباب 
0زأكد على الخصائص الأربعة اللصيقة بالشباب ، و
الكفيلة بإحداث نهضة قوية مستدامة ،وفى ذلك يقول :
"إنما تنجح الفكرة إذا قوى الإيمان بها ،وتوفر الإخلاص فى سبيلها،وازدادت الحماسة لها ،و
وجد الاستعداد الذى يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها0
وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة :
1-              الإيمان
2-               والإخلاص
3-               والحماسة
4-               والعمل
من خصائص الشباب 0 لأن أساس الإيمان القلب الذكى ،واساس الإخلاص الفؤاد النقى ،و
أساس الحماسة الشعور القوى ،وأساس العمل العزم الفتى ، 
وهذه كلها لاتكون إلا للشباب قديما وحديثا فى كل أمة عماد نهضتها ،
وفى كل نهضة سر قوتها،وفى كل فكرة حامل رآيتها،
( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ) " الكهف :13 " (رسالة إلى الشباب ) 0
ويترتب على ذلك أن تهتم الأمة التى تريد النهوض : 
بغرس فكرة النهضة ، والعمل لها ،فى الشباب فهم الجينات الاجتماعية الرئسية التى تحمل هذه المواصفات أكثر من غيرها 0
القانون السادس إعداد الرجال :
"إنها (أى الأمم المجاهدة ) فى مسيس الحاجة إلى بناء النفوس وتشييد الأخلاق وطبع أبنائهاعلى خلق الرجولة الصحيحة ، حتى يصمدوا لما يقف فى طريقهم من عقبات ويتغلبوا على ما يعترضهم من مصاعب 0
يقول الأستاذ البنا عن المقياس الحقيقى للنهضة ،وامؤشر الأساسى لقوة الأمم :
"إن الرجل سر حياة الأمم ونهضتها ،وإن تاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ من ظهر بها من الرجال البابغين الأقوياء النفوس والإرادات 0وإن قوة الأمم أو ضعفها إنما تقاس بخصوبتها فى إنتاج الرجال الذين تتوافر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة " ( رسالة هل نحن قوم عمليون)
وعلى ذلك ،تخرج قضية التربية لتحتل قلب العملية النهضوية ، 
وتنتقل من شأن محلى لقضية وجود للأمة والمجتمع 0
القانون السابع : المتطلبات الأولية للنهضة
يقول الأستاذ البنا :
"أنت إذا راجعت تاريخ النهضات فى الأمم المختلفة شرقية وغربية قديما وحديثا رأيت أن القائمين بكل نهضة موفقة نجحت وأثمرت كان لهم منهاج محدد عليه يعملون ،
وهدف محدد إليه يقصدون ، وضعه الداعون إلى النهوض وعملوا على تحقيقه ما امتد بهم الأجل وأمكنهم العمل ، حتي إذا حيل بينه وبينهم وانتهت بهم تلك الفترة القصيرة فترة الحياة في هذه الدنيا ، 
خلفهم من قومهم غيرهم يعملون على مناهجهم ويبدءون من حيث انتهي أولئك ، 
لا يقطعون ما وصلوا ولا يهدمون ما بنوا ولا ينقضون ما أسسوا وشادوا ولا يخربون ما عمروا . فإما زادوا عمل أسلافهم تحسيناً أو أمكنوا نتائجه تمكيناً .
وإما تبعوهم على آثارهم فزادوا البناء طبقة وساروا بالأمة شوطاً إلى الغاية حيث يصلون بها إلى ما تبتغي . أو ينصرفون راشدين ويخلفهم غيرهم وهكذا دواليك حتي تحقق الآمال وتصدق الأحلام ويتم النهوض ويثمر الجهاد وتصل الأمة إلى ما إليه قصدت وله عملت ] فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره [ { الزلزلة: 7 } ( رسالة هل نحن قوم عمليون ) .
وعليه فمتطلبات النهضة تتمثل فيما يلى :
1- هدف محدد .
2- منهاج محدد للوصول إلى الهدف المبتغي .
3- داعين يعملون لتطبيق المنهاج .
5-              أتباع يعملون وفقاً للمنهاج ويواصلون البناء .
وهنا ، يركز الأستاذ البنا على قضية أساسية يجب أن تصح عند الاضطلاع بمشروع النهضة ، وأن تحيا في عملية التنفيذ ، وهى وضوح الهدف والمنهاج وتجميع طاقات العاملين للنهضة ،
ثم تتابع أداء الأجيال من خيث انتهي من سبقهم ، أى عملية " التواصل " ، 
بدلاً من البدء من الصفر في كل مرة ، وفي هذا ضياع للجهد وهدر للإمكانية وتخبط في التنفيذ وصعوبة متزايدة في تحقيق المشروع .
القانون الثامن : مقياس العمل الدعوي :
استنتج الأستاذ البنا قانوناً حدد فيه مقياساً ومؤشراً جيداً يستدل به على نتيجة الجهد والعمل المبذول لدعاة النهضة ورجالاتها :
 " إن الغاية الأخيرة ، والنتيجة الكاملة ، لا تتحقق إلا بعد :
1- عموم الدعاية ( الرأي العام ) .
2- وكثرة الأنصار ( شبكة العلاقات ) .
3- ومتانة التكوين ( بناء المؤسسات ) . 
( رسالة المؤتمر الخامس ) .
وعليه ، فحركة النهضة تحتاج إلى كل شرائح الأمة لكى تشترك في هذا المشروع الفرق بين الحياة والموت ، على أساس من الانتشار وإقامة العلاقات والبناء المؤسسي .
القانون التاسع : التدافع الإنساني :
 ] ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً [ { الحج : 40 } .
 ] ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض [ { البقرة : 251 } .
 ] وكذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض [ { الرعد : 7 } .
 ] ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته [ { الشورى : 24 } .
 ] بل يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق [ { الأنبياء : 18 } .
يقول الأستاذ البنا :
 " لقد شاءت لنا الظروف أن ننشأ في هذا الجيل الذي تتزاحم الأمم فيه بالمناكب وتتنازع البقاء أشد التنازع ، وتكون الغلبة دائماً للقوي السابق . وشاءت لنا الظروف كذلك أن نواجه نتائج أغاليط الماضي ونتجرع مرارتها وأن يكون علينا رأب الصدع وجبر الكسر وإتقاذ أنفسنا وأبنائنا واسترداد عزتنا ومجدنا وإحياء حضارتنا وتعاليم ديننا " .
 " كذلك شاءت لنا ظروفنا أن نواجه كل ذلك وأن نعمل على انقاذ الأمة من الخطر المحدق بها من كل ناحية . وإن الأمة التي تحيط بها ظروف كظروفنا وتنهض لمهمة كمهمتنا ، 
وتواجه واجبات كتلك التي نواجهها ، لا ينفعها أن تتسلي بالمسكنات أو تتعلل بالآمال والأماني ، وإنما عليها أن تعد نفسها لكفاح طويل عنيف ، وصراع قوي شديد بين الحق والباطل وبين النافع والضار ، وبين صاحب الحق وغاصبه ، وسالك الطريق وناكبه ، وبين المخلصين الغيورين والأدعياء المزيفين ، وإن عليها أم تعلم أن الجهاد من الجهد والجهد هو التعب والعناء وليس مع الجهاد راحة حتي يضع النضال أوزاره وعند الصباح يحمد القمو السرى " ( رسالة هل نحن قوم عمليون ) .
ولا يوجد حراك ونهضة من غير فعل ومواجهة وتدافع وصراع وكفاح وجهاد ، 
هذا الحشد من الكلمات يشهد له التاريخ كما يؤكده الحاضر . 
فإذا قررت الأمة أن تنهض فلا خيار أمامها إلا أم تحشد طاقاتها في المواجهة . 

القانون العاشر : قانون الأستشراق والفرصة :
يقول الأستاذ البنا :
 " إن الزمان سيتمخض عن كثير من الحوادث الجسام ، وإن الفرص ستسنح للأعمال العظيمة ، وإن العالم ينتظر دعوتكم ، دعوة الهداية ، والفوز والسلام لتخلصه مما هو فيه من آلام ، 
وإن الدور عليكم في قيادة الأمم وسيادة الشعوب ، وتلك الأيام نداولها بين الناس ، 
وترجون من الله ما لا يرجون ، فاستعدوا واعملوا . .
هذه الدروس أو القوانين التي تحكم ـ وفقاً لفكر الأستاذ البنا ـ عملية النهضة ، 
وتوفر ـ بعون الله وتوفيقه ـ مقومات نجاح مشروعها ، 
ومن ثم إقامة مجتمع نهضوى يتمتع بالحياة الطيبة الكريمة ، وينعم بتقدم وتنمية مستدامة .
القانون الحادى عشر : التداول والاستبدال الحضاري :
يقول الأستاذ البنا :
 " اعلم وتعلم أن مثل الأمم في قوتها وضعفها وشبابها وشيخوختها وصحتها وسقمها مثل الأفراد سواء بسواء .. 
وعلاجها إنما يكون بأمور ثلاثة : 
 معرفة مواطن الداء ، والصبر على آلام العلاج ، والطبيب الذي يتولى العلاج " ، و
هذا مصداق لقول الله في سورة آل عمران :
] قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين * 
هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين * ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * 
إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا منكم شهداء والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين [ { آل عمران : 137-141 } ( رسالة دعوتنا )
ونحن نقول إن قانون التداول يسري على الجميع ، 
فكل من فاته قطار اليوم يجب أن يعد العدة لقطار الغد ، فهو قادم لا محالة . و
العبرة بالاستعداد والفعل الإنساني ، والأخذ بالأسباب ، ومن ثم التوكل على الله .
إن القرآن الكريم يطرح في هذا المقطع التاريخى ذي المغزي العميق ، والذي ترد فيه كلمات ذات علاقة عضوية بالمسألة مثل : سنن ، مداولة ، تمحيص ، قاعدة أساسية في موقفه إزاء الدول والتجارب البشرية والحضارات ، إنه يقرر منذ البدء عدم ديمومة أى من هذه المعطيات ، ولا يستثني الإسلام والمسلمين . وقد قال الله تعالى في الآية " بين الناس " بمعني عموم هذا " القانون " أو " السنة " التي لا محيص عنها ، والتى تقوم بلا ريب على أسبابها ومقدماتها في صميم الفعل الإنساني نفسه ، حيث توحي هذه المداولة بالحركة الدائمة وبالتجديد وبالأمل البشري الذي يرفض السكون ، ويرغب في الانطلاق نحو الفعل الحضاري الإيجابي الذي يمكنه من استعادة ذاتيته الحضارية .
إن الإسلام يعترف بسقوط الدول والحضارات ، عندما تتكاثف الأمراض الحضارية في شكل ظاهرة يطلق عليها القرآن الكريم : " الاستبدال " أو " الاستخلاف " . وهذا مصداق لقوله تعالى :
] وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم [ { محمد : 38 } ، وقوله تعالى :
] ثم جعلناكم خلائف في الأرض ومن بعدهم لننظر كيف تعملون [ { يونس : 14 }.
إن أمتنا تقف على مفترق الطريق ، وهي إذا تجذر عندها الوعي بهذا القانون ، 
فيبقي أن تعد العدة وترتب أوراقها لتأخذ دورها .
القانون الثاني عشر : الدعائم السبعة للنهضة :
يقول الأستاذ البنا :
 " ليس في الدنيا نظام يمد الأمة الناهضة بما يحتاج إليه من نظم وقواعد وعواطف ومشاعر كما يمد الإسلام بذلك كله أممه الناهضة ، ولقد امتلأ القرآن الكريم بتصوير هذه الناحية خاصة ، 
وضرب الأمثال فيها بالإجمال تارة وبالتفصيل تارة أخري ، وعالج هذه النواحي علاجاً دقيقاً واضحاً ، لا تأخذ به أمة حتي تصل إلى ما تريد " ( رسالة نحو النور ) .
فالأسلام كفيل بإمداد الأمة الناهضة ، وفقاً لتحليل الأستاذ البنا ، بالدعائم أو عناصر القوة التالية :
1- الأمل الواسع الفسيح .
2- الاعتزاز بالقومية والتاريخ المجيد .
3- القوة والاستعداد والجندية .
4- العلم الغزير ( علم الدنيا وعلم الدين ) .
5- الخلق الفاضل القوى المتين ، والنفس العالية الطموح .
6- المال والاقتصاد .
7- نظم للفرد والأسرة والأمة والشعب والحكومة والعلاقات بين الأمم .
ولقد فصل الأستاذ البنا هذا      دقيقاً في رسالة نحو النور ، ونجمل ما قدمه
الدعامة الأولى : الأمل الواسع الفسيح : ( الأمل )
 # ] ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض [ { القصص : 5-6 } .
# ] ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس [ { آل عمران : 139-140 } .
# ] هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار [ { الحشر:2 } .
# ] أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والذراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه ألا إن نصر الله قريب [ { البقرة : 214 } .
الدعامة الثانية : الاعتزاز بالقومية والتاريخ المجيد : ( العزة ) :
·                    ] كنتم خير أمة أخرجت للناس [ { آل عمران : 110 } .
* ] وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً [ { البقرة : 143 } .
* ] ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين [ { المنافقون : 8 } .
الدعامة الثالثة : القوة والاستعداد والجندية : ( القوة )

* ] وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم [ { الأنفال : 60 } .
* ] كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم [ { البقرة : 216 } .
* ] فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة [ { النساء : 74 } .
* ] إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص [ {الصف : 4 } .
الدعامة الرابعة : العلم الغزير ( علم الدنيا وعلم الدين ) : ( العلم )
] اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم [ { العلق : 1-5 } .
* ] قل هل يستوى الذين يعملون والذين لا يعملون إنما يتذكر أولوا الألباب [ { الزمر:9} .
* ] ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود * ومن الناس والدواب وألنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشي الله من عباده العلماء [ { فاطر : 27-28 } .
الدعامة الخامسة : الخلق الفاضل والنفس الطموح : ( الخلق )
* ] قد أفلح من  زكاها * وقد خاب من دساها [ { الشمس : 9-10 } .
* ] إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم [ { الرعد : 11 } .
* ] من المؤمنين رجال صدقوا الله ما عاهدوا عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا * ليجزى الله الصادقين بصدقهم [ { الأحزاب : 23-24 } .
الدعامة السادسة : المال والاقتصاد : ( المال )
* ] ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً [ { النساء : 5 } .
ولنع قول رسولنا (e) :
 " نعم المال الصالح للرجل الصالح " ( حديث شريف ) .
الدعامة السابعة : نظم للفرد والأسرة والأمة والشعب والحكومة والعلاقات بين الأمم : ( التنظيم )
وفي ذلك يقول الأستاذ البنا :
 " هذه ناحية واحدة من نواحي الجمال في بعض النظم الإسلاميةوهي النظم الخاصة بنهضة الأمم ، على اعتبار أننا نستقبل عهد النهضة ، أما كل نواحي الجمال في كل النظم الإسلامية فذلك ما يحتاج إلى مجلدات ضخام وبحوث واسعة مترامية الأطراف ، وحسبنا أن نقول كلمة مجملة كل الإجمال وهي : أن نظم الإسلام فيما يتعلق بالفرد أو الأسرة أو الأمة حكومتها وشعبها ، أو صلة الأمم بعضها ببعض ، نظم الإسلام في ذلك كله قد جمعت بين الاستيعاب والدقة وايثار المصلحة وايضاحها ، وأنها أكمل وأنفع ما عرف الناس من النظم حديثاً أو قديماً . هذا حكم يؤيده التاريخ ويثبته البحث الدقيق في كل مظاهر حياة الأمة " ( رسالة نحو النور)
إن كل مفردة من هذه المفردات السبعة تحتاج إلى البحث والتدقيق والنظر .
وقد وضع الأستاذ البنا ثلاثية الخلق الفاضل والعلم الغزير والقوة السابغة في قلب هذه السباعية كمحرك أساسي لعملية النهضة . وكل عامل للنهضة يجب أن يدقق في مفهوم الخلق الفاضل ومفهوم العلم الغزير ومفهوم القوة السابغة سواء على مستوى حركة التجمعات والهيئات أو على مستوى الأمة والمجتمع ككل . 

            كيفية التعامل مع القوانين والسنن
إن أول شروط التعامل المنهجي السيم مع السنن الإلهية والقوانين الكونية في الأفراد والمجتمعات والأمم ، هو أن نفهم أو نفقه فقهاً شاملاً رشيداً هذه السنن .
يقول الأستاذ البنا في تحديد منهجية التعامل مع السنن :
 " لا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة ، ولكن غالبوها واستخدموها وحولوا يتيارها ، 
واستعينوا ببعضها ، وترقبوا ساعة النصر . وماهى منكم ببعيد " ( رسالة المؤتمر الخامس ).
وعليه ، يرى الأستاذ البنا أن منهجية التعامل مع السنن ، تتطلب العناصر المحددة التالية :
1- عدم المصادمة .
2- المغالبة .
3- الاستخدام .
4- التحويل .
 5- الاستعانة ببعضها على بعض .
6- ترقب ساعة النصر .

وبعد هذه السياحة في دراسة التاريخ ، 
ودراسة الواقع والدروس المستفادة والاستعداد للنهوض بالأمة من جديد ، 
يلخص الأستاذ البنا إلى أن هذه المعرفة والدراسة ليست للتخزين ، 
وإنما للتحريك والدفع ، لإقامة مشروع النهضة المبتغاة . ولنقرأ معاً قوله :
 " فعلى هذه الدعائم القوية أسسوا نهضتكم واصلحوا نفوسكم وركزوا دعوتكم وقودوا الأمة إلى الخير ، والله معكم ولن يتركم أعمالكم " ( رسالة المؤتمر الخامس ) .
وعليه فإن انقاذ الأمة يحتاج إلى إعادة إحياء هذا المشروع من جديد ، 
ليتناسب مع حجم الأزمة والمأزق التاريخي الذي تمر به ، 
ويتكافأ مع الدور الجليل الذي أمرها الله به وخصها للقيام بأدائه لكونها الأمة الأفضل إذا تحققت بالشروط ، صاحبة الرسالة الخاتمة ، والموعودة بالاستخلاف ، والمبشرة بالتمكين ، 
والمكلفة بعمارة أرض الله ، والمنوطة بالشهادة على الناس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق